دفعت الحرب المدمرة في اليمن الآلاف الى النزوح الى المدن المحررة بحثا عن الآمان، غير ان حربا أخرى أصبحت تواجه الكثير من الأسر النازحة وهي حرب يخوضها معدمون للحصول على الطعام للبقاء على قيد الحياة، خصوصا وان المجاعة في العديد من المدن اليمنية، قد أوقعت ضحايا كثر، خاصة في تهامة اليمن. (اليوم الثامن) فتحت ملف معاناة المهجرين جراء الحرب في عدن، ورصدت الزميلة دعاء نبيل التقرير الأول. "انا مشتيش تعطينا فلوس, اشتي بس تشتري لي عشاء لعيالي أنا والله مش شحات يابنتي" بس حسبي الله ونعم الوكيل على من كان السبب " في تلك الشوارع المزدحمة بالمعاناة والفرح والألم والضحك, والجوع الذي بات يطغى على الوجوه الكريمة .تزدحم تلك المشاعر المختلطة بالكلمات القاسية والتي كانت تتردد على تلك الشفاه . وما بالي عندما رأيت ذاك الوجع والالم والجوع والاحتياج يتجسد برجل بمقام والدي , لقد رأيت مالا أتصوره أو اتخيله ,, على خطى بعيده يسير خلف المواطنين ماد بيده ورأسه منحني للأرض ,, لم أتخيل قط بأن ذاك الرجل المهندم ذات الخمسين من عمره يشحت وامام الملأ. فيا أبي ماذا قد حل بك ؟ وأين أنت الأن ؟.... اعذرني لم أقدم لك شيئا فقد كنت حينها بين لفيف من الكلمات . تزايد عدد النازحين الى مدينة عدن والقادمة من المناطق المشتعلة بالحرب يد سبب اخر في تظافر ازدياد ظاهرة "التسول" ويرى المواطن روماس انيس من عدن : أن ظاهرة التسول قد انتشرت بالآونة الأخيرة في مدينة عدن وتعود هذه الظاهرة الى السبب الأول والأخير الى التدهور المهول بسعر الصرف للريال مما أذى الى الارتفاع المجنون بأسعار السلع الغذائية, يرافق ذلك التأخر بصرف أو عدم صرف الرواتب والتي بالأصل غير قادرة على مواجهة ارتفاع الأسعار لكل شيء بعدن . ويرى الى ان تزايد عدد النازحين الى مدينة عدن والقادمة من المناطق المشتعلة بالحرب يد سبب اخر في تظافر ازدياد ظاهرة "التسول" وهذا في ظل عجز واضح من قبل المنظمات والحكومة التي لم تقدم شيء للنازحين الى عدن . وسينكشف الستار ان طال عدم صرف الراتب وعدم توزيع اي اغاثة الى موجة من التسول.. يقول عاقل الحارة في مدينة التقنية /الشيخ سالم الحربي : في خضم الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها بلدنا ظهرت الى السطح حالات انسانية عديدة اهمها حالات الفقر واحتياج وعوز عند كثير من الأسر "العفيفة" ,حيث ومعظم الأسر في عدن تعيش على الراتب الشهري الذي يستلمه كبير الاسرة من الدولة ولا يوجد لهذه الأسر مصدر دخل اخر . وعلى حد قوله : فمدينة عدن خلاف المناطق الريفية التي ومصادرها متعددة ,ولهذا نجد ان الكثير من الأسر في عدن تحول في يوم وليله الى أسر تعاني من الفقر المدفع والحاجة الماسة والشديدة للكثير من احتياجاتها ان لم نقل كلها وذلك بسبب انقطاع الراتب والذي يستمر في بعض الاحيان الى الاربعة الاشهر واكثر, فانقطاع الراتب يعني انقطاع مصدر دخل الاسرة. يروي تجربته كشيخ حارة : كثيرا من الأسر تدق بابي تبحث عن الاغاثة أو اي معونه اخرى وان قلت من اي مصدر وهي الاسر التي كانت في يوما ما لا تحتاج الى احد بعد الله تعالى كما ان البعض من تلك الاسر العزيزة والتي كانت في يوما ما تطلع بأن ابنائها سيكون منهم الدكتور والمعلم والمهندس فقد قاموا بإخراجهم من المدارس وادخلوهم في سوق العمل القسري كحاملين في أسواق الخضروات او بياعي ماء ومناديل وصحف على الطريق وغيرها في الجولات ومداخل الأسواق . ويؤكد : هذه الأوضاع تنذر بحالات خطيرة تضر بالوطن والمواطن كما ان توزيع الاغاثة في عدن زاد الطين بله وزاد الجرح ألم , حيث والاغاثة في عدن توقفت ولم يتم صرف اي حالة لأي شخص منذ اشهر, ايضا النازحين في عدن لم يتحصلوا على اي اغاثة وبالذات في محافظة عدن لهذا فقد زادت المعاناة لدى الأسر في عدن وسينكشف الستار ان طال عدم صرف الراتب وعدم توزيع اي اغاثة الى موجة من التسول لأسر كانت في عزة واباء وحينها ستظهر ثورة جياع مدمرة فالجوع كافر. المواطن هو الخاسر الوحيد حيث يتجرع فرق اسعار الصرف . ويوضح عبدالمنعم الحامد عامل في محلات للصرافة : ان تدهور الأوضاع وخاصة الإنسانية في المناطق المحررة يكمن في (العملة ) وتأثيرها على الاقتصاد الوطني لليمن . وكذلك في سحب العملة الصعبة من السوق من قبل تجار الحروب وان صحت التسمية عنهم (الهوامير) والذين يحتكرون ما يحتاجه المستهلك المواطن المغلوب على امره. على حد سواء بالأوضاع الانسانية المعيشية ماهي الا ازمة مفتعلة . ويشير الحامد الى ظهور الكم الهائل من محلات الصرافة التي تم فتحها ولا يوجد عليها لا رقيب عليها ولا حسيب, حيث ترتبط اسعار السلع في السوق المحلية بأسعار الصرف لان غالبيتها يتم استيرادها من الخارج وبالعملة الصعبة ويتم بيع تلك المواد الغذائية بسعر عالي وبهذا يكون المواطن هو الخاسر الوحيد حيث يتجرع فرق اسعار الصرف . بالنسبة للأزمة في عدن والمناطق المحررة فقد تأثرت تأثيرا كبيرا خاصة بعد ما اصدرت الدولة نقود بدون غطاء. وتقول الاخصائية الاجتماعية / خديجة بحصو: من الطبيعي ان تتأثر الأسرة بالظروف الاقتصادية الصعبة ,فالأسرة هي الخلية في المجتمع وبالتالي فهي تتأثر بالظروف المحيطة بها سواء كانت اقتصادية او سياسية او امنية , ولعلى اولى المظاهر التي اترث على ميزانية الأسرة وبالتالي على المستوى المعيشي وهي ظاهرة الغلاء والارتفاع بالأسعار الجنونية للمواد الغذائية والاستهلاكية وعلى الرغم انه لم يمس بدخل افراد الأسرة الا ان الغلاء يؤثر سلبا على قدرة الادخار وتوفير متطلبات الحياة بل يمتد ذلك الى بنود الصرف الرئيسية في الأسرة. وتضيف : نرى دائما مع استمرار ارتفاع الاسعار تبدا مصروفات الأسرة تزداد حتى ان بعض الاسر اصبحت تعاني من ضعف قدرتها على توفير الاحتياجات الاساسية لها بالرغم من ان دخل الاسرة لم يتدنى ولكن هذا العجز ظهر نتيجة ارتفاع الاسعار . وينظر محاسب الرقابة والتقييم في احدى المرافق الحكومية : نظرا لما الت اليه الأوضاع وخاصة في المناطق المحررة ونتيجة لعوامل اقتصادية وامنية واجتماعية وكذا اختلافات ما بين اطراف داخل الشرعية .. منها تعيينات في مراكز مهمة لشخصيات بعيدة عن الكفاءة والاختصاصات العلمية فقد ادت الى اظهار فساد ضخم داخل السلطات الشرعية وكذلك اخراج شركات حكومية مفصلية وهامة عن دورها الحقيقي كشركة المصافي والنفظ وغيرها فأصبحت غير منتجة بل جعلوها توانك للحفظ تحت حكم قوى خاصة تهيمن على استيراد الموارد الخام فأصبحت الخزانة المالية الحكومية بأيدي (هوامير) فاسدة تتحكم بنهب الاموال العامة والموازنة بطرق رسمية لصالحها وسيطرت على كيفية رف الاسعار وغياب الناتج المحلي الوطني ويتم كذلك طبع الاوراق النقدية دون تغطية وادى كل ذلك الى تدهور العملة الوطنية وبالتالي ارتفاع جنوني للعملات الاجنبية والغريب ان كل ذلك يحصل دون رادع او محاسبة من اطراف اقليمية حاكمة فعلا .